تــرجــــمــــة الـــشيــخ مــجـــاهـــــــد الـــمــــلـــة




🖋️اعــــدّه: أحـمـد اديـب
المـتعلم بالجـامعة الاشـرفـية
بـن العـلامة أحـمد حـبيـب الـقادري
  (الـقاضي في كوشـامبي)

🌹الإفـتـتـاح : إن الـهنـد قـد أنـشـأت العـلــمـاءَ الافـذاذَ و الفـضـلاءَ فـي الـفِـقـه و الشـريعـة، و مـن أبـرز العـلـمـاءِ و أبحـرهـم فـي الـقـرن الـرابـع عـشر الإمـام أحـــمـد رضـا خـان الـقـادري، الـذي بَـرعَ في العـلـوم الـشـريعـة بـراعـةً تامـةً و تَـبحّـر في الـعـلـوم الطـريقـة وتَبحُّـرا عَجـيـبة، و فـاقَ على الـذين كانـوا في قـرنـه مـن أهـل العـلم حتى أصـبح مـرجـعهـم و امامـهـم بلا نكـير..
فـقـد ألَّـفَ في أكـثر من خـمسـين علـما و فـنا، ما يَربُـو على الـف مُؤلـف بـين المجـلّدات و الـرسـائل الصـغـيرة الكبـيرة،
و لا ريـب في أن قـلمَـه كان فائضـا سـيالا كـما كان استِـعدادُه قـويا و حُـجّـتُـه باهـرا و بـيانـُه ناصـعا،
فَـقد خَـلـّف ..رحـــــمـــه الـلـه.. الاكـثريـن مِـن أهـل الـعلـم و التـَقوى'، و من اجـلّـة خـُلفـاَئـه،، فـضـيلـة الشـيخ العـلاّمـة الشـاه مـحمـد أمـجـد عـلى الاعظمي، المـلّـقـب بـ صـدر الـشـريـعـة،الـذي كان مـُتـضلـعًا من علـوم الشـريعـةِ الحـسـنة، و لـَه دورٌ عـظیـٌم فائـقٌ فـي خـدمـة الـدين الحـنيـف و الـثقافـة الإسـلامية، حَيـثُ أنـجـَب الشـيخ شـخصيـةً علـميَّةَ كبـيرةً، و هـو رئيـسُ المـتكلـمين، عُـمدة المُـحقـقـين، سـيّد المـناظـرين، امام الـسالكـين  الــشـاه  مــحــمــد حـبــيــب الــرحــمــن الـقــادري، اَلـملقـَّب بـ مــجـاهـد الـمــلــة.... رحـــمـهــم الـلـه تـعـالى...
وهـو الـذي تـَنتـَهي إليـه سـَيادةُ الـعلـم و العـرفان، و يتـعـَبُ عـن رِفـعتـِه أهـلُ الأذهـان، فـقد كان الشـيخ المجـاهـد يُـعـَـدُّ من أبـرز شـخصـياتٍ ديـنيـَّةٍ عِـلمـيَّةٍ في شـِبه الـقارّة الـهـنديـّة،

إلـــــيك شــيئا عـن حـياتــه و خـدمـاتـه:

🌹إســمــه و مـولـده و نـشـأتـه : هـو محـمد حـبيب الـرحـمن بـن عـبد الـمنـّان، هـكذا يـَتّـصـل نـسبـُه إلى الـشاه كــمال الـــدين البـلـخي.. علــــيـه الرحــمــه... و منـه إلى عـبد الـله بن عبـّاس عـمِّ الـرسـول الـكريم.... صــلى الله عليـه وسلـم، رضـي الـله عـنهما.
وُلــدَ الشيخ المجـاهد... رحـمـه الـلهُ... في الـثامن من محـرم الحـرام، يـومَ السـبتِ، في دهام نـكر من اريسه، سنــة ثلاث و عشـرين و ثـلاث مائـة و ألـفٍ من الهـجـرة ( ١٣٢٣) المـُصادف في الـرابـع من مـارس، سـنة اربع و تسع ماية و ألف من الميلاد،، و في روایـة :ولـد في شهـر نوفـمـبر (١٩٠٤)

و بـدأ سَفـره التـعليمـّي بالبـسمـلة الشريفة على بـَيته، ونـَال التعلـيم الابـتدائـي العـصـريّ في قريب من مَكانـه و لـكن لـَم تَمـضِ إلا أيـامٌ حتى أنـكره، ثـُمّ الـَتحقَ بالـمدرسة الحمـيدية في دهـام نـكر اُريسـه، وشَـرعَ في التـعليم الـديني الابتدائيِ، ثـُمّ مـَالَ إلى الـدراسة العاليـة و الـَتحقَ بالـجامـعـة السبحانية في إلـه باد، بـإذن الشـيخ العـلامة عـبد الــكافـي إلـه بادي.... وتـدرّس فـيها أعـواماً عـند فـضيلة الشيخ الـمزكور، وفـضيلة العـلامة محــمد نـجم الدين الـبهاري، وفـضيلة الشيخ العـلامة عـبد الرحـمن شـاه فوري و غـيرهم، حـتى اهـتدى إلـى صــدر الـشريعة، بــدر الطريقة، باهــر الفـقه الإسـلامي يـُدرّس فـي الـجـامعة المـُعـينية في اجــمـير، و تعـلـّم و تـلّـمذ في العـلوم العـقلية و النـقلية، وبـَرع فـيها حتى صـار إمـامَ العـلوم العـقلية والنـقلية، المـنطق ؤ الفلـسفة و غـيرها،
ثـّم ارحلَ إلى صــدرِ الأفـاضـل العـلامة الـسيد مـحمد نعيـم الـدين المـرادابادي.. عليــــه الرحــمــة.. و بَـقيَ هـُناك يـَروي غـَليـلَـه إلى أشـهر، ثـم انـتهـى سـفـره التـعليمي، فـَانـقطـعَ لِـخدمـة الـدين انـقـطاعا كاملاً، بـدأ يـُدرّس في الجـــامـعـة السـبحانـية في إلــه باد، و يَخـطبُ و يُصـنـّف و يُـناظر فـضلاً عن أسـفاره الـدعـوية و رِحـلاته بمناطق الهـندِ الجافّـةِ الـنائـيةِ و لِبلـدان مـختلفـة غـريبة،
و بـَايعَ على يد الشيخ الـعلامة محـمد عـبد الكـافي، و على يد المخدوم السيد علي حسيـن الأشـرفي الجـيلاني و حصل على الإجازة و الخلافة معهما من حجة الإسلام العلامة الشاه حامـد رضـا خان القادري.. رحــمـهـم الـله تـعالى جـزيل الـرحـمه...

🌹صـــفــــــــاتـــه و اخــــلاقـــه

كان الشـيخ.. رحــمـــه الـلـه.. إمـاما بارعـا في العـلم، فقيـها جليـلا من فـُقهـاء الـهند، جامعـا بين العلـوم العـقلية و النـقلية، حامـلاً ِللـمـعرفة والحـقيـقة، ســيـد المنـاظـرين المحـقـقين، إمـام الـباحثـين المدقـقين، رافـعا لِـعلَـم أفـضلِ الجـهادات، مَـفخَـر أصـحاب الكـشف و الكمـالات، أقـدم أهل الرشـد و الـهدايات،
ولَـه باعٌ طـويلٌ في الفـقـه والـفتوى، وكـان مُـتحـرِّيا في نقـل الأحكام وتحـرير المسـائل، وكان على قـُدرة كامـلة، وإحاطـة عامـة، ومـعرفـة شـاملـة في الأصـول والفـروع،
وكـان شُـجاعَ القـلب فـلَمْ يـَهـَبْ أن يـُناظـر بالـدَّيابنـة و سائر الضـالين المـغـضـوبـين، حـتى اسـتمرَّ في جـِهاده ليــلاً و نهــاراً وهَـجـمَ علـيهم هـجمـةً فاَتِـكـةً عـَـنيـفَـة بالدلائـل القـطعـيةِ المُـقنـعة،
و خـصـالُـه الحـميدةُ و صـفاتُـه العـاليـُة قَــهرتِ الألـبابَ و بـَهرتِ الأبـصارَ، وقـلوبُ الـناسِ الشـتِـتـَةُ ذاقـت بمـصدره حـلاوةَ الإيـمان، واسْـتسقـت بمَـنـبَـعِه العـذبِ و مَـنـهلـِه الصـافي، فـلانـت بـه القـلوبُ القـاسـيةُ ورَقـت الـطِّباعُ الجـافـة، و مـع هـذه الاوصـاف الحسـنة كان الشـيخ المجـاهد خـطـيبا بارعـا أيـضا، وكان يخـطب مُـدللاًّ و مـُبرهـًنا بالـقـرآن الـكريم و الأحـاديث النـبوية الشـريفـة كُـلّما خـطـبَ أو وعـظَ،
و مِـمّـا أخبـرَنـي أبـي الكـريم العـلامة: أنّـه الشيخ كُلـما كان يَجـتمع بأهـل العـلم و جـرت المـباحـثةُ و المـناقشةُ في أيّ فـنّ كـان، لـَم يتـكلّـم أولاً قـط، بـَل يَسـكتُ ناظـرا إليهم، وإذا رَجعـوا إلـيه بعـد ذلك يـتكلّم و كـلامُه فصـلٌ و عـدلٌ يعـترفُ بـه كلُّ من كـان في ذلك النـادِي و يـَقـنَـع بـه،
وقُــصـــــارى الـقــــــــول:
كان الشـيخ.. رحـــمه الـله.. مـُتصـفًا بـِصـفاتٍ موهـوبـة كـثيرة، فيـها تَـقـواه و طـهارتـه، و نـجابـته و لَيـن طبـعِـه، و يُحـاول أن لا يـترك سُـنّـة، ويغـلبُ عليه التـصـدُّع بالـحق حتـى لا يـَتمـالك نَفـسه في أغـلب الأحـيان إلا بإظـهار ما يعـتقـده حقاً علـى كـِّر الأيـام و مـَرّ الدهـُور، ولا شـكّ فـي أنـه كان من قـادة أمّـةٍ عـظيـمة أمّــة محـــمـــديـة...

وكان مِـن أجلّـة تـلامـيذهِ: شُـمـس العُـلماء، الـعلامة نــظام الـدین الـبليـاوي، حـضرة العـلامة مــير عـبد الـقـدّوس بـَهدركي، حـضرةالعـلام، القـَاري عــبد الـرّب المـراداَبـادي، فـضيلة الشيخ العـلامة الحـاج نــعيم الـله خان، خـطيب المَـشرق، العـلامة مشــتاق احمـد نـظامي  و غيرهم... رحـــمـــــهـُم اللــهُ...
ومن رفـقـائـه الـدراسـية، امـام النـحو، حـضرةالعـلام، غــــلام جيـلاني ميرٹہی، و حضرةالعلام المـفتي رفـاقـت حُـسيـن كان فـوري، و جـلالة الـعلم الـحضرة حافـــظ المـلة و غيـرهـم من أبـرز شـخصياتٍ عِلـمية.... رحـــــمــهــم الــلـــــه..

🌹مُـــجـاهد الــمـلّة وَ جَـــدّي و اَبــي:

إن الـله تعـالى قـد أجادَ علـى بَـيتي بِـذاتـه الـعالي، من أن جـدّي الـكريم، فـضيلة الـعلامة الـشيخ محـمد مُـصـلح الـدين الـقادري رحـــمـــه الـله.. تـدرَّسَ و تَـلمـّذَ عـليه في المـدرســة السـبحـانـية إلـه بـاد، و تـخـرَّجَ مـنها في سـنة (١٩٥٢) تـقديراً، وفـجَّرَ الشيخُ المـجاهدُ لـَه مَـنابـِعَ الـقـلب، و اشـعـَلَ جـَمـرةَ الـحُبِّ في كـِبـده حُـبَّة الـدينِ و الـمـلّة حـتى أصـبحَ فـقـيها جلـيلا و مُحـقِّـقا نـَبيلا و عـالمـًا مـُخلصا، جلـيلَ الـقدر عظـيمَ المـَرتـبة،
و كـان مـن رُفـقـائـه الـدّراسـيّة :فـضيلة الـعلامة غــــلام آســـي (اخو الكبير العلامة أرشـد القادري.. عليه الرحمة..) وفـضيلة الـعلامة الشيخ مُـعين الـدين الـقادري.. شـيخ الحديث للجامعة العربية سلطان فور سابقا.. وخـطيب المَــشرق، حضـرة الـعلامة مـشـتاق احـمـد نـظامـي و غـيرهـم مـن أشرق شـخصـّيات علمية..
ثـُمّ قـامَ جــدّي الـكريم بـمؤجـبات الـتدريس في الـجـامـعـة الحـبـيـبيـة إله باد(مؤسسها الشيخ المجاهد) و في غـيرهـا مـن الـمدارس الإسـلامـيّة، و نـَهـضَ بمَـسؤولـيـّاتـه أحـسن الـنُهـوض حـتى إلـى آخـر أيـّامــه مـن عُـمره.
ؤ اعـترف بـعـِلمه و حِـلمـه و صَـبره و فـَضله، تَـواضُعـِه و ايـثارِه و صِـدق أخـلاقه و اِخلاصه.
و بـايـع على يـد مجـاهد المـلة، و حـصل مـنه الإجـازة و الخـلافـة في جمـيع السـلاسل.... و آخـر الـقـول:أنـه قد قَـضى حـياتَـه راضـيةً مـَرضـّيةً، مُـعاونـا على الِبـرّ و مـفاضـلاً بالتـقوى حـتى تـَوفـى في نوفـمبـر، ســـنـة (٢٠٠٠)

و أمـّا أبـي الـكريم، فـضيلة الـعلامة الشيخ أحـمـد حَـبـيـب الـقادري... الـقاضي في كوشــامـبي حـالاًّ... و هـو الـذي وَرثَ لأبـيه وراثـةً تامّــةً عَـجيـبة، و وَجـدَ الحَـظَّ الأوفـرَ من الـعلوم الإسـلاميـة من أبيـه و الشيخ مـجاهد المـلة و بـَعضِ الأسـاتذة الـمُكرَّمـين في الجــــامعــة الحـبـيبـية إلـه باد، حـتى بـَرِع في العـلوم العـقلية و النـقلية و هـو لَـم يـَجاوز مِـن عُـمره ثـمانية عشـر سـنة، و تـَخرّج منها سـنة( ١٩٧٨) و بايـع على يد استـاذه المُـخلص مـجاهد الـملة و حـَصـلَ علـى الخـلافة، ثم انـقطـع لِخـدمة الدين الحنـيف حتى اليوم، وهُـو مُـولـعٌ بالتـدريس و الخـطاب و الـمديح الـنبوي خـاصّـة..

وفـــــاتــــــــه:
توفـى الشيـخ مَجـمـعُ الكـمال، مـَرجـع اربـابِ الأفـضال، يـومَ الجـُمـعـة،في الـتاسـع من جـمادي الأولـى، ســـنة( ١٤٠١)من الهـجرة، الـمـصادف في مـارس ســنة (١٩٨١)من المـيلاد، و دُفــنَ بـعد ثـلاث أيـّام من وفـاتـه فـي بلـده دهـام نـكر، اريــسـه........ نـــوَّر الـله مـرقده.....


*الملاحظة* :اعـتمدتُ فی کـتابـة هذا المـقال على قـول أبـي العـلاّم فـي حـلات حـياة مـجاهد المـلة، و تَـمّـمـتُـه بـتوفيـق الـله و تـوقـيفه،و كـفى بالـله تـوفـيقاً و تـوقـيفا..        ( ١، ٨، ٢٠١٩)
جدید تر اس سے پرانی

رابطہ فارم